تقارير وتحليلات

نشر في : 13-05-2024

حدثت في : 2024-05-15 10:45:29

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

أرقام تبدو مزعجة كشفها التقرير السنوي الخامس عشر بشأن " تمويل البنوك وفوضى المناخ" الصادر عن مؤسسة "ريكايم فاينانس" الفرنسية.

هذه الأرقام بطلها الرئيس هو البنوك العالمية والمستفيد الأول منها هو كبار شركات النفط واغاز العالمية العاملة في الوقود الإخفوري.

ورغم ما يحمله التقرير من أرقام تبدو "صادمة" يظل هناك حالة من التفاؤل ربما خلقتها الخطوة غير المسبوقة التي حملها واحد من اهم بنود الاتفاق التاريخي "اتفاق الإمارات" الصادر في ختام مؤتمر الاطراف للمناخ الذي استضافته دولة الإمارات نهاية عام 2023 .

انبعاثات الغازات الدفيئة السبب الرئيسي للتغير المناخي في العالم

ذلك البند المتعلق بالتخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري وفقا لما يطالب به العلم والعدالة، لمواجهة الطوارئ المناخية وتغير المناخ وانعكاساتها السلبية على الكوكب وسكانه.

ومع حقيقة أن الاحتراق الناجم عن الوقود الأحفوري مصدر رئيس للغازات الدفيئة ولتغير المناخ أطلق cop28 حالة تفاؤل بأن العالم يستطيع تجاوز ازمة المناخ وإن كان المشوار لايزال طويلا لكن الامل يظل قائما بالوصول لكوكب صالح للعيش لأجياله الحالية والمستقبلية.

التفاؤل لا يمنعنا من إيراز النتائج والارقام التي توصل إليها التقرير بشأن التمويل وفوضى المناخ، ربما يمثل الاعتراف أحد سبل الوصول لحلول أكثر واقعية لعلاج أزمة المناخ.

هل تشعل البنوك فتيل القنابل الكربونية

أرقام تبدو "صادمة"

التقرير، الصادر بالفرنسية، والذي اعتمد على نتيجة دراسة سنوية تعتبر مرجعا في مجال "البنوك وفوضى المناخ، والتي تدقق في تمويل مجموعات مصرفية كبيرة في مشاريع استغلال الحفريات الوقود، تضمن مجموعة من الحقائق اهمها:

  • البنوك في جميع أنحاء العالم تواصل تمويل الوقود الأحفوري بمستويات خطيرة، تتجاوز 6.9 تريليون دولار منذ عام 2016.
  • ما يقرب من النصف - 3.3 تريليون دولار – ذهبت إلى التوسع في استخدام الوقود الأحفوري.
  • أسوأ ممول للتوسع في الوقود الأحفوري منذ اتفاقية باريس هو بنك "سيتي جروب"، حيث قدم 204 مليار دولار منذ عام 2016.
  • عام 2023، احتلت مجموعة "سيتي جروب" الأمريكية المرتبة السابعة لتمويل التوسع، مع ما يزيد عن 14.6 مليار دولار من صفقات التوسع في الوقود الأحفوري.
  • منحت البنوك الفرنسية 67 مليار يورو لقطاع الوقود الأحفوري بين عامي 2021 و2023، وهو ما يتناقض تماما مع الالتزامات التي تعهد بها القطاع.
  • البنوك الفرنسية تستمر في تمويل قطاع النفط والغاز إلى حد كبير، وهو ما يمثل في واقع الأمر نصيب الأسد من تمويل البنوك الفرنسية للوقود الأحفوري، وبشكل خاص لتمويل توسعاتها.
  • نحو 57 مليار يورو بين عامي 2021 و2023 مولت بها البنوك الفرنسية أعمال للغاز والنفط، وبالتالي 67 ملياراً، إذا أضفنا الفحم.
  • البنوك الكندية الخمسة الكبرى ساهمت بحصة كبيرة من إجمالي تمويل الوقود الأحفوري للفترة 2016-2023 بقيمة 911.15 مليار دولار أمريكي أو 13% من جميع الصفقات، بما في ذلك 45% من جميع صفقات رمال القطران في العام الماضي.
  • وصلت ثلاثة بنوك إلى قائمة "Dirty Dozen" (الجرعة السيئة)  لعام 2023 - RBC (المرتبةالـ 7)، وScotiabank (المرتبة الـ 10)، وTD Bank (المرتبة الـ 11) - وجميعها الخمسة موجودة في المراكز الـ 16 الأولى على مستوى العالم.
  • يظل بنك (RBC) هو البنك الأحفوري رقم 1 في كندا، والمرتبة السابعة عالميًا، والمرتبة الرابعة في تمويل التوسع في الوقود الأحفوري في عام 2023
  • يحتل Scotiabank المرتبة السادسة عالميًا في تمويل التوسع في الوقود الأحفوري في عام 2023.

هل تشعل البنوك فتيل القنابل الكربونية

من المستفيد؟

أكبر المستفيدون من تلك التمويلات هم بحسب التقرير مجموعات النفط والغاز الكبيرة وهي

  • TotalEnergies (توتال جروب الفرنسية)
  • Shell (شل الأمريكية)
  • Saudi Aramco (ارامكو السعودية)

وهي شركات تبرر احتياجاتها التمويلية من خلال تطوير مشاريعها منخفضة الكربون، وفي أمازونيا، على سبيل المثال، يعد "سيتي بنك وبنك أوف أمريكا" و"جي بي مورجان تشيس" من كبار ممولي النفط والغاز بقيمة 4.97 مليار دولار بين عامي 2016 و2023.

ومنذ عام 2016، قام أكبر 60 بنكًا بتمويل 11.15 مليار دولار في استخراج الأمازون.

لدينا الحلول

يرى ريتشارد بروكس، مدير تمويل المناخ في "Stand.earth" التي ساهمت في خروج التقرير: أن لدينا الحلول، لكن البنوك الكندية الكبرى لا تزال تشعل فتيل قنابل الكربون، وتضخ المليارات في تمويل الوقود الأحفوري خلال العام الأكثر سخونة على الإطلاق.

ويقول ريتشارد بروكس: "أثبت أكبر بنك في كندا RBC - تحت إدارة الرئيس التنفيذي ديف ماكاي - عدم رغبته في القيادة. لقد حان الوقت لحكومتنا والجهات التنظيمية للتدخل وتفويض البنوك الكندية بالمساعدة بدلاً من عرقلة أهدافنا المناخية".

ورغم أنه وسط نقطة تحول وشيكة حيث تواجه منطقة الأمازون أسوأ موجة جفاف في التاريخ، سرعان ما تبع بنك سانتاندر الأوروبي ثلاثة بنوك أمريكية، لكن لوسي بنسون هي مديرة مؤسسة "ريكايم فاينانس" تؤكد أن "البنوك الفرنسية فيما يتعلق بقضية الفحم وخفضت بشكل كبير دعمها لهذا القطاع".

فبحسب التقرير فإن "إالنشاط المنخفض الكربون لا يستحوذ إلا على ما بين ربع إلى 20% من التمويل من البنوك الفرنسية".

ورغم انخفاض حجم هذا التمويل في العام الماضي، لكن هذه ليست استراتيجية متعمدة، فقد استخدمت مجموعات النفط الكبرى ببساطة قدراً أقل من الأسواق المالية لزيادة رؤوس أموالها.

فعندما نواصل البنوك تمويل هذه الشركات الكبيرة، فإننا نستمر في تمويل اعتمادنا على الوقود الأحفوري.